بكاء أهل النار و زفيرهم و شهيقهم و صراخهم و دعائهم الذي لا يستجاب بهم
قال الله تعالى : { لهم فيها زفير و هم فيها لا يسمعون }
قال تعالى : { فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير و شهيق }
قال الربيع بن أنس : الزفير مثل صوت الحمار أوله زفير و آخره شهيق و قال تعالى :
{ و هم يصطرخون فيها }
و في حديث حارثة : و كأني أنظر إلى أهل النار يتعاوون فيها و قد سبق
و روى معاوية بن صالح [ عن سليم بن عامر عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه و آله وسلم قال : رأيت رؤيا فذكر حديثا طويلا و فيه قال : ثم انطلقنا فإذا نحن نرى دخانا و نسمع عواء قلت : ما هذا ؟ قال : هذه جهنم ] خرجه الطبراني و غيره
و روى الأعمش [ عن يزيد الرقاشي عن أنس عن النبي صلى الله عليه و آله وسلم قال : يلقى البكاء على أهل النار فيبكون حتى تنقطع الدموع ثم يبكون الدم حتى يصير في وجوههم كهيئة الأخدود و لو أرسلت فيه السفن لجرت ] خرجه ابن ماجه
و روي عن الأعمش عن عمر بن مرة و يزيد الرقاشي عن أنس موقوفا من قوله و رواه سعيد بن سلمة عن يزيد الرقاشي قال : بلغنا هذا الكلام و لم يسنده و لم يرفعه
و روى سلام بن مسكين عن قتادة عن أبي بردة بن أبي موسى عن أبيه قال : إن أهل النار ليبكون الدموع في النار حتى لو أجريت السفن في دموعهم لجرت ثم إنهم ليبكون بالدم بعد الدموع و لمثل ما هم فيه فليبك
و قال صالح المري : بلغني أنهم يصرخون في النار حتى تنقطع أصواتهم فلا يبقى منهم إلا كهيئة الأنين من المدنف
و قال ابن إسحاق عن محمد بن كعب : زفروا في جهنم فزفرت النار و شهقوا فشهقت النار بما استحلوا من محارم الله قال : و الزفير من النفس و الشهيق من البكاء
و قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى :
{ لهم فيها زفير و شهيق }
قال : صوت شديد و صوت ضعيف
و روى مالك عن زيد بن أسلم في قوله عز و جل :
{ سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص }
قال زيد : صبروا مائة عام ثم بكوا مائة عام ثم قالوا :
{ سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص }
و روى الوليد بن مسلم [ عن أبي سلمة الدوسي و اسمه ثابت بن شريح عن سالم بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه و آله وسلم أنه كان يدعو : اللهم ارزقني عينين هطالتين تشفيان القلب بذروف الدموع من خشيتك قبل أن يكون الدمع دما و الأضراس جمرا ] سالم بن عبد الله و هو المحاربي و حديثه مرسل و ظن بعضهم أنه سالم بن عبد الله بن عمر و زاد بعضهم في الإسناد : عن أبيه و لا يصح ذلك كله
و روى الوليد بن مسلم أيضا عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن إسماعيل بن عبيد الله قال : إن داود عليه السلام قال : ربي ارزقني عينين هطالتين يبكيان بذروف الدموع و يشفياني من خشيتك قبل أن يعود الدمع دما و الأضراس جمرا قال : و كان داود عليه السلام يعاتب في كثرة البكاء فيقول : دعوني أبكي قبل يوم البكاء قبل تحريق العظام و اشتعال اللحي و قبل أن يأمر بي ملائكة غلاط شداد لا يعصون الله ما أمرهم و يفعلون ما يؤمرون ! !
و روى يونس بن ميسرة عن أبي إدريس الخولاني قال : إن داود عليه السلام قال : أبكي نفسي قبل يوم البكاء أبكي نفسي قبل أن لا ينفع البكاء ثم دعا بجمر فوضع يده عليه حتى إذا حره رفعها و قال : أوه العذاب الله أوه أوه قبل أن لا ينفع أوه
و روى ثابت البناني عن صفوان بن محرز قال : لداود عليه السلام يوم يتأوه فيه يقول : أوه أوه من عذاب الله عز و جل قبل أن لا ينفع أوه قال : فذكرها صفوان ذات يوم في مجلس فبكى حتى غلبه البكاء فقام
و قال عبد الله بن رياح الأنصاري سمعت كعبا يقول : إن إبراهيم لحليم أواه منيب قال : كان إذا ذكر النار قال : أوه من النار أوه من النار و عن أبي الجوزاء و عبيد بن عمير نحو ذلك
و روى ابن أبي الدنيا بإسناد له عن رياح القيسي أنه مر بصبي يبكي فوقف عليه يسأله : ما يبكيك يا بني ؟ ! و جعل الصبي لا يحسن يجيبه و لا يرد عليه شيئا فبكى رياح ثم قال : ليس لأهل النار راحة و لا معول إلا البكاء و جعل يبكي
و بإسناد له آخر أن رياح القيسي زار قوما فبكى صبي لهم من الليل فبكى رياح لبكائه حتى أصبح فسئل بعد ذلك عن بكائه فقال : ذكرت ببكاء الصبي بكاء أهل النار في النار ليس لهم نصير ثم بكى