هذا هو التركيب البسيط لذرة الكربون
نواتها تتكون من 6 بروتونات + 6 نيوترونات
ولكن للكربون نظائر أخرى..أشهرها الكربون-14
( يتكون نظير العنصر من نفس عدد البروتونات ولكن فقط عدد النيوترونات يختلف من نظير لآخر)
من البديهى إذن أن نستنتج أن نواة الكربون-14 تتكون من
6 بروتونات+ 8 نيوترونات
الكربون-14 هو أحد النظائر المشعة للكربون..وله فترة عمر نصف تقدر ب 5730 سنة تقريبا
(فترة عمر النصف هى الفترة اللازمة لتحول نصف العينة المشعة إلى ما دون ذلك)
ولو إقتصر الأمر على ذلك فقط..فمن الطبيعى ألا نجد أى ذرة كربون مشع فى الطبيعة الآن!
فلو كانت الكرة الأرضية بكاملها عبارة عن كتلة صماء من الكربون المشع....لتحلل كل جزء منها حتى آخر ذرة فى غضون مليون سنة فقط!....هذه المليون سنة لا تشكل سوى جزء من 4600 جزء من عمر الأرض!
من أين جاء الكربون المشع إذن؟
هل توجد آلية طبيعية مستمرة لإنتاجه؟
فى عام 1934 إقترح عالم كيميائى إسمه أريستيد جروس
أن الأشعة الكونية تتفاعل مع ذرات الطبقة الجوية فتحدث بعض التفاعلات النووية التى تؤدى إلى إنتاج النظائر المشعة من دون تدخل الإنسان
وتعرف الأشعة الكونية بأنها أنوية ذرات الهيدروجين والهليوم والحديد وغيرها من العناصر..تنطلق بسرعات تقترب من سرعة الضوء....تسعة أعشار هذه الأنوية هى أنوية الهيدروجين...أى بروتونات موجبة
هذه الأنوية تسمى الإشعاع الكونى الأولى...ما أن تصطدم بجزيئات الغلاف الجوى حتى تنتج إشعاع ثانوى أقل نسبيا فى طاقته..مع كم هائل من النيوترونات
هذه النيوترونات تدخل فى تفاعلات جديدة
ففى كل مرة يصطدم نيوترون منها مع ذرة النيتروجين-14 (المكون الرئيسى للغلاف الجوى)
يطرد النيوترون أحد بروتونات النواة ويستقر مكانه
تتكون نواة النيتروجين-14 من
7بروتونات+ 7 نيوترونات
عندما تصطدم بنيوترون الشعاع الكونى
نحصل على نواة من
6بروتونات + 8 نيوترونات (وهى نواة الكربون-14)
ذرة الكربون المشع هذه تتفاعل مع الأكسجين الموجود فى الغلاف الجوى...ويتكون ثانى أكسيد الكربون المشع
تعانى ذرة الكربون المشع فى ثانى أكسيد الكربون المشع ما يعرف بتحلل بيتا
حيث تتحول أحد النيوترونات إلى بروتون وينطلق جسيم بيتا (الإلكترون)...ويتبقى ذرة نيتروجين-14 تنفصل مرة أخرى عن الأكسجين ونعود للوضع الأولى
هذه الصورة تم تصغيرها . إضغط على هذا الشريط لرؤية الصورة بحجمها الطبيعي . أبعاد الصورة الأصلية 504x192 .
ولأن العملية تتم بإستمرار يتحول النيتروجين إلى كربون ويتحلل ثانى أكسيد الكربون المشع
حتى نصل لمرحلة التعادل (التوازن)
معدل تكون الكربون-14= معدل تحلل ثانى أكسيد الكربون المشع
عند هذه المرحلة تكون نسبة ثانى أكسيد الكربون المشع ثابتة فى الجو....القياسات العلمية تقول أنه يوجد ذرة كربون مشع واحدة فى الجو من بين كل 540 مليار ذرة!
وجو الأرض يحتوى حوالى 1300 كجم من الكربون المشع.
فى التمثيل الضوئى تمتص النباتات ثانى أكسيد الكربون من الجو...ولذا فهى تمتص أيضا بعضا من ثانى أكسيد الكربون المشع...وبالتبعية تدخل هذه النسبة من الكربون المشع فى أجسام الحيوانات والبشر
وعندما يموت الكائن الحى يتوقف إمتصاصه لأى كربون مشع سواء من الجو أو من الغذاء...فيتبقى هذا الكربون المشع فى أنسجته ويتحلل ببطء شديد
الشكل التفصيلى التالى يوضح الفكرة
وهناك معادلة يحسب بها العلماء كمية الكربون المشع وجسيمات بيتا فى العينة وبالتالى يعرفوا عمرها بالتقريب
ففى عام 1946 إقترح كيميائى أمريكى إسمه ويلارد فرانك ليبى إستخدام التأريخ الكربونى ونال عن ذلك جائزة نوبل عام 1960
وقد أثبت التأريخ الكربونى أنه يعطى نتائج ذات دقة مقبولة حتى 70ألف سنة خلت!
ولكن يشوب هذه الطريقة بعض العيوب...أخطرها أن الأشعة الكونية نفسها هناك عوامل كثيرة تؤثر عليها
1- معدل سقوط الإشعاع الكونى ليس ثابت على الدوام فمثلا يزيد فى فترات النشاط الشمسى ولو حدث سوبرنوفا قريب من الأرض...من شأن ذلك أن يؤثر على نقطة الإتزان
2- المجال المغناطيسى للأرض أيضا متذبذب فمعدل سقوط الأشعة الكونية يتزايد فى فترات إضمحلال المجال المغناطيسى للأرض
3- بعد دخول العصر النووى زادت نسبة الكربون-14 فى الجو المخلق صناعيا وليس طبيعيا..ولذا فليس فى مقدور أحفادنا فى عام 3050 مثلا إستخدام هذا الأسلوب
على كل حال هناك ذرات أخرى مشعة فى الأرض تستخدم فى التأريخ أيضا وتقذف بسمومها المشعة على الإنسان مثل اليورانيوم والثوريوم
نحن نتحدث هنا حتى اللحظة عن إشعاعات نووية خارجية طبيعية...قد تحمل بعض الضرر لجسمك...ولكن ما أن تعرف أن جسمك نفسه يحتوى أنوية مشعة نشطة!...حتى تكتشف أن العدو فى داخلك وليس دخيلا عليك!
إن البوتاسيوم من العناصر الأساسية المكونة للجسم البشرى
وللبوتاسيوم 3 نظائر..المشع منها هو البوتاسيوم-40
وله فترة عمر نصف تقدر ب 1.3 مليار سنة!
لو كان وزنك 70 كيلوجرام فإنه يحتوى على 700 جم بوتاسيوم منها 83جم بوتاسيوم مشع!!...ولو حسبنا جسيمات بيتا المنطلقة منك لكانت 1900جسيم فى الثانية...ومع الوضع فى الإعتبار أن جسمك به نحو 50 تريليون خلية...فبالمتوسط كل خلية تتعرض لجسيم بيتا واحد كل سنة!!
كما أنه لو كان وزنك 70كجم...فجسمك يحتوى على 190جزء من مليون من الجرام من الكربون المشع وعدد جسيمات بيتا الصادرة منك نحو 3100 كل ثانية
وهناك عنصر آخر فى جسمك مشع هو الهيدروجين-3
وبالمجمل
جسمك يطلق نحو 22100 جسيم بيتا فى الثانية!!...فأنت مشع فعلا...ولكن أنظر كم من المليارات من السنين حتى تتوقف عظامك والتربة المحيطة بأنسجتك عن إشعاعاتك
يبدو الأمر بالنسبة لى وكأنها بصمة إشعاعية
فبالطبع كل فرد له محتواه المختلف من هذه العناصر طبقا لأسلوب تغذيته ووزنه وخلافه
هذه البصمة الإشعاعية أشبه عندى بأطياف النجوم
لا يوجد نجمين فى الكون أبدا لهما نفس الطيف بالظبط بالظبط!
فلكل كائن ونجم وكوكب بصمته الإشعاعية الخاصة به
0 التعليقات:
إرسال تعليق